الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي
وإن مات الموصي، ثم أهل شوال قبل أن يقبل الموصى له الوصية: فإن قلنا: برواية ابن عبد الحكم، عن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (أن الموصى له يملك الموصى به بنفس الموت).. فإن فطرة العبد على الموصى له، سواء قبل أو لم يقبل؛ لأن الملك قد حصل له؛ لأنه وإن رد الوصية بعد هذا.. فإن الملك يحصل للورثة بنفس الرد. وإن قلنا: إن الملك مراعى في الموصى به.. نظرت: فإن قبل الموصى له بالعبد.. تبينا أنه ملكه بالموت، فيجب عليه زكاة العبد. وإن لم يقبل.. تبينا أن ملكه انتقل إلى الورثة بالموت، فتكون زكاة العبد عليهم. وإن قلنا: إن الموصى له لا يملك إلا بالموت والقبول.. ففيه وجهان حكاهما في "الإبانة" [ق \ 153]: أحدهما: وهو طريقة أصحابنا البغداديين -: أن زكاة العبد تجب في تركة الميت؛ لأنه مبقى على ملكه وقت الوجوب. والثاني: لا يجب على أحد؛ لأن الميت لا يمكن الإيجاب عليه. فإن مات الموصي، ثم أهل شوال، ثم مات الموصى له قبل القبول: فإن قلنا برواية ابن عبد الحكم.. فزكاة العبد في تركة الموصى له. وإن قلنا: إنه مراعى، فإن قبل ورثة الموصى له الوصية.. تبينا أن الملك وقع لمورثهم بموت الموصي، فتكون فطرة العبد في تركة الموصى له، وإن ردوا.. تبينا أن الملك وقع لورثة الموصي بموته، فتكون فطرة العبد عليهم. وإن قلنا: لا يملك إلا بالقبول.. ففيه وجهان: أحدهما: وهو المشهور -: أنها في تركة الموصي. والثاني: لا تجب على أحد. وإن مات الموصي، ثم مات الموصى له قبل القبول، ثم أهل شوال: فإن قلنا برواية ابن عبد الحكم.. كانت الفطرة هاهنا على ورثة الموصى له. وإن قلنا: إن الملك مراعى.. نظرت: فإن قبل ورثة الموصى له الوصية... كانت الفطرة عليهم؛ لأن مورثهم ملك العبد بموت الموصي، ثم مات، وجاء وقت الوجوب وهو في ملكهم. وإن لم يقبلوا، أو ردوا الوصية.. كانت الفطرة على ورثة الموصي. وإن قلنا: إن الملك يحصل بالقبول.. فعلى الوجهين الأولين: أحدهما: تجب في تركة الموصي. والثاني: لا تجب على أحد.
قال ابن الصباغ: وهكذا ينبغي أن تجب النفقة عليه. قلت: وقد حكى في "المهذب" في نفقته ثلاثة أوجه: أحدها: تجب على الموصى له بالرقبة. والثاني: أنها على الموصى له بالمنفعة. والثالث: أنها في كسبه، فينبغي أن تكون زكاة فطره كنفقته.
فإن قلنا: إن المشتري يملك بنفس العقد.. فإن الفطرة تجب عليه، سواء اختار البيع أو فسخه بعد ذلك. وإن قلنا: لا يملكه إلا بالعقد، وانقضى الخيار.. كانت الفطرة على البائع، سواء اختار البيع أو فسخه بعد ذلك. وإن قلنا: إن الملك موقوف.. كانت الفطرة موقوفة أيضًا، فإن اختار البيع.. كانت الفطرة على المشتري، وإن فسخاه.. كانت الفطرة على البائع.
وقال عطاء، والزهري، وربيعة رحمة الله عليهم: لا يجب عليهم. دليلنا: عموم حديث ابن عمر، وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -؛ ولأنه مسلم موسر بها.. فوجبت عليه، كأهل القرى.
وقال أبو حنيفة: (الواجب من البر نصف صاع)، وروي ذلك عن أبي بكر الصديق، وعثمان بن عفان، وابن مسعود، وجابر بن عبد الله، وأبي هريرة، وابن الزبير، ومعاوية، وأسماء - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. واختلفت الرواية فيه عن علي، وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وقال ابن المنذر: لا يثبت ذلك عن أبي بكر، وعثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وعن أبي حنيفة في الزبيب روايتان: إحداهما: (صاع). والثانية: (نصف صاع). دليلنا: ما روي عن أبي سعيد الخدري: أنه قال: «كنا نخرج إذ فينا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في زكاة الفطر صاعًا من طعام، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من زبيب، أو صاعًا من أقط، عن كل صغير وكبير، حر أو مملوك، فلم نزل نخرجه حتى قدم معاوية المدينة، فكلم الناس على المنبر، فكان فيما تكلم به أن قال: إني أرى مدين من تمر الشام تعدل صاعًا من تمر، فأخذ الناس بذلك، وأنا لا أخرج إلا ذاك». ولأنها زكاة تتعلق بالحبوب، فاستوى فيها الحنطة والشعير، كالعشر. إذا ثبت هذا: فالصاع: أربعة أمداد، والمد: رطل وثلث بالبغدادي، فصار خمسة أرطال وثلث رطل، وبه قال مالك، وأحمد رحمة الله عليهما. وقال أبو حنيفة: (الصاع: أربعة أمداد، إلا أن المد رطلان، فتصير ثمانية أرطال). دليلنا: أن الرشيد لما حج.. جمع بين مالك رحمة الله عليه وأبي يوسف، فقال له مالك رحمة الله عليه: كم الصاع؟ فقال: ثمانية أرطال، فأحضر مالك أهل المدينة بصيعانهم، فمنهم من قال: حدثني أبي، عن جدي: أنه قال: دفع إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الفطرة بهذا الصاع. ومنهم من يقول: حدثتني أمي، عن جدتي: أنها أخرجت الفطرة إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بهذا الصاع، فعايروها، فوجدوها خمسة أرطال وثلثًا، فرجع أبو يوسف إلى قول مالك رحمة الله عليه. قال ابن الصباغ: والأصل في الطعام الكيل، وإنما قدره العلماء بالوزن، لئلا تختلف المكاييل. ويبطل فيها النقل.
فقال عامتهم: لا يجزئه إلا من غالب قوت بلده، وإن كان يقتات دونه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم». وغناهم إنما يحصل بقوت البلد. قال المحاملي: وهذا هو المذهب. ومن أصحابنا من قال: يجوز من كل قوت؛ لحديث أبي سعيد الخدري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه قال: «كنا نخرج صاعا من طعام، أو صاعا من أقط، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من زبيب». وأهل المدينة لم يكونوا يقتاتون ذلك كله، فدل على أنه يجوز التخيير. وقال أبو عبيد بن حرب: الواجب من غالب قوت المخرج. واختاره الشيخ أبو حامد، قال: لأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال: (وأي قوت كان الأغلب على رجل.. أدى منه)، ولأنه لما وجب عليه أداء ما فضل من قوته.. وجب من غالب قوته. ومن قال بالأول.. قال: أراد الشافعي: إذا كان الرجل يقتات غالب قوت البلد. إذا ثبت هذا: فإن عدل عن قوت البلد، أو عن قوته، إلى قوت غيره، فإن كان الذي عدل إليه أعلى منه.. أجزأه. وإن كان أدنى.. ففيه قولان: أحدهما: يجزئه، وبه قال أبو حنيفة، وأبو إسحاق المروزي؛ لأن الخبر ورد بالتخيير. والثاني: لا يجزئه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم». والغنى لا يحصل بدون قوت البلد. ومن قال بهذا.. قال: أراد بالخبر: التمر لمن قوته التمر، والبر لمن قوته البر. وقد اختلف في البر والتمر: فقال قوم: البر أفضل. وقال آخرون: بل التمر أفضل. وإن كان في بلد قوتهم أجناس مختلفة، وهي كلها غالبة.. فالأفضل أن يخرج من أفضلها، ومن أيها أخرج.. جاز. وقال أحمد رحمة الله عليه: (لا يجوز إلا من الأجناس الخمسة المنصوص عليها). دليلنا: أنه قوت معتاد، فأجزأ، كالخمسة المنصوص عليها.
الطريق الأول من أصحابنا من قال: فيه قولان: أحدهما: لا يجزئه. قال الشيخ أبو حامد: وهو الأقيس؛ لأنه قوت لا تجب فيه الزكاة، فأشبه اللحم. والثاني: يجزئه. قال:وهو الأشبه بالسنة؛ لحديث أبي سعيد الخدري-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. والطريق الثاني منهم من قال: يجزئه، قولا واحدا؛ لما ذكرناه. فإذا قلنا: لا يجزئه الأقط.. لم يجزئه إخراج اللبن. وإن قلنا: يجزئه إخراج الأقط.. فهل يجزئه إخراج اللبن؟ قال أصحابنا البغداديون: يجزئه إخراج اللبن مع وجود الأقط، ومع عدمه؛ لأنه أكمل منه، ويجزئه إخراج الجبن؛ لأنه مثله. وذكر المسعودي [في "الإبانة" ق \ 154] إذا قلنا يجزئه الأقط.. فهل يجزئه اللبن؟ فيه وجهان: أحدهما: يجزئه؛ لما ذكرناه. والثاني: لا يجزئه؛ لأنه يدخر، وأما المصل: فلا يجزئه؛ لأنه لبن منزوع الزبد.
وإن كان عبد بين شريكين قوتهما مختلف.. ففيه ثلاثة أوجه: أحدهما قال أبو العباس: يخرجان من أدنى القوتين؛ لأنها لا تتبعض. والثاني: قال أبو إسحاق: يخرج كل واحد منهما نصف صاع من قوته؛ لأنه لا يتبعض ما وجب عليه. والثالث من أصحابنا من قال: يعتبر قوت العبد أو قوت البلد الذي هو فيه؛ لأن ذلك يجب طهرة له، فاعتبر حاله.
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (فإن أخرج من طعام قديم لم يتغير طعمه، إلا أن قيمته أقل من قيمة الحديث.. أجزأه؛ لأن القدم ليس بعيب). ولا يجوز إخراج الدقيق والسويق، وبه قال مالك. وقال أبو حنيفة، وأحمد رحمة الله عليهما: (يجوز). وبه قال أبو القاسم الأنماطي من أصحابنا، وهذا ليس بصحيح؛ لأنه ناقص المنفعة، فلم يجز، كالخبز. وبالله التوفيق.
وقال ربيعة، وداود: (لا يجوز التقديم فيهما). وقال أبو حنيفة: (يجوز تقديم الزكاة قبل الحول، ولا يجوز تقديم الكفارة قبل الحنث). وقال مالك: (يجوز تقديم الكفارة، ولا يجوز تقديم الزكاة قبل الحول). وبه قال أبو عبيد بن حرب. دليلنا: ما روى علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أن العباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن تعجيل صدقته قبل أن تحل، فرخص له». ولأنه حق مال يجب بسببين يختصان به.. فجاز تقديمه بعد وجود أحد سببيه، ككفارة اليمين عند مالك رحمة الله عليه. فقولنا: (حق مال) احتراز من حقوق الأبدان. وقولنا: (يجب بسببين) احتراز من الحقوق التي تجب بسبب واحد، وهي زكاة الركاز. وقولنا: (يختصان به) احتراز من الحرية والإسلام؛ لأنهما - وإن كانا سببين تجب الزكاة بهما - فلا يختصان بالزكاة؛ لأن ذلك معتبر في غير الزكاة. وهل يجوز تعجيل الزكاة لعامين، أو أكثر؟ فيه وجهان: قال أبو إسحاق يجوز، فلو ملك خمسين شاة، فأخرج منها عشرًا زكاة عشر سنين.. جاز ما لم ينقص عن النصاب؛ لما روي: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تسلف من العباس زكاة عامين». وقال بعض أصحابنا: لا يجوز؛ لأنه دفع زكاة قبل انعقاد حولها، فلم تصح، كما لو لم يملك النصاب، ومن قال بهذا.. قال: تأويل الخبر: أنه تسلف منه زكاة عامين في وقتين، أو تسلف منه زكاة عامين لمالين، كالماشية والأثمان. وإن ملك مائتي شاة، فعجل عنها وعما يتوالد منها أربع شياه، فتوالدت، وبلغت أربعمائة.. أجزأته زكاة الأمهات، وفي زكاة السخال وجهان: أحدهما: يجزئه؛ لأن السخال جارية في حول الأمهات. والثاني: لا يجزئه. قال الشيخ أبو حامد: وهو الأشبه؛ لأنه تقديم زكاة قبل وجود النصاب. هذه طرق أصحابنا البغداديين. وقال صاحب "الإبانة" [ق \ 126] إن قلنا: يجوز تقديم زكاة عامين.. فهاهنا أولى بالجواز. وإن قلنا ثم: لا يجوز.. فهاهنا وجهان. وإن عجل زكاة أربعين شاة، فتوالدت أربعين سخلة، ثم ماتت الأمهات، وبقيت السخال.. فهل تجزئ المخرجة عن السخال؟ فيه وجهان: أحدهما: تجزئ؛ لأنها جارية في حول الأمهات. والثاني: لا تجزئ؛ لأنه عجلها قبل ملكها، مع تعلق الزكاة بعينها، فلم تصح.
وهكذا لو كان عنده أقل من نصاب للتجارة، فعجل عنه زكاة النصاب، فحال الحول، وعنده نصاب.. أجزأه؛ لما ذكرناه. وإن عجل زكاته: فإن المساكين يملكونها بالقبض إلا أنها فيحكم ملك رب المال، فتكون عند الحول كما لو كانت في يد رب المال، سواء كانت باقية في يد المساكين أو تالفة، وذلك أنه إذا عجل شاة من أربعين شاة، فحال الحول، وفي يده تسع وثلاثون شاة.. فإنا نجعل المخرجة كما لو كانت في يده في حكمين: أحدهما: يتم بها نصاب الأربعين. والثاني: تجزئ عن الزكاة الواجبة عليه عند الحول. وهكذا: إذا كان معه مائة وعشرون شاة، فعجل منها شاة، ثم ولدت شاة سخلة مما عنده قبل الحول.. فإنا نجعل المخرجة كأنها باقية معه، فيكون معه مائة وإحدى وعشرون شاة، فيجب عليه شاتان، فتجزئ المخرجة عن شاة، ويجب عليه أن يخرج شاة ثانية. وهكذا: لو كان معه مائتا شاة، فعجل شاتين منها، ثم ولدت شاة سخلة مما عنده.. فإنه يجب عليه إخراج شاة ثالثة. هذا مذهبنا. وقال أبو حنيفة: (تكون المخرجة كالتالفة، فلا تعد مع المال، بل تجزئ عند الحول عن الزكاة). مثال ذلك: أنه إذا عجل شاة عن أربعين شاة، فإن حال الحول، وهي تسع وثلاثون.. فإنه لا يجب فيها زكاة، وإن ولدت شاة منها، فكانت أربعين عند الحول.. أجزأت المدفوعة عن الزكاة عند الحول. وكذلك: لو كان معه مائة وعشرون شاة، فعجل منها بشاة، ثم ولدت منها واحدة قبل الحول.. فإن المخرجة لا تضم إلى ما معه، ولا يجب عليه إلا شاة واحدة. وكذلك: إذا عجل عن مائتي شاة شاتين، ثم ولدت واحدة مما عنده.. لم تضم الشاتين المخرجتين إلى ما عنده في النصاب. دليلنا: أن تعجيل الزكاة إنما جاز رفقًا بالمساكين، فلو قلنا: إن المعجلة لا تضم إلى المال، لكان في ذلك ضرر على المساكين، ولأن المخرجة لو لم تكن كالباقية على ملك رب المال.. لما أجزأت عن الواجب عليه عند الحول.
فإن قال عند الدفع: هذه زكاتي عجلتها.. كان له الرجوع بها، وإن قال: هذه زكاة مالي أو صدقة مالي.. لم يكن له أن يرجع؛ لأن الظاهر أنها واجبة عليه، فإن قال رب المال: حلفوا المساكين: أنهم لا يعلمون أنها زكاة معجلة.. فهل يحلفون؟ فيه وجهان: أحدهما: لا يحلفون؛ لأن دعوى رب المال تخالف الظاهر، فلم تسمع. والثاني: يحلفون؛ لأن المدفوع إليه لو أقر بما قاله الدافع.. وجب عليه الرد. وأصلهما: إذا رهن رهنًا، ثم أقر بالتسليم، ثم قال: لم أكن سلمت، فحلفوا المرتهن.. فهل يحلف؟ فيه وجهان. وإن كان الذي عجل هو السلطان، أو النائب من قبله، فإن تبين أنها زكاة معجلة.. رجع، وإن لم يبين.. فالمشهور من المذهب: أنه يرجع؛ لأنه لا يسترجعها لنفسه، فلم يتهم. وذكر في "الشامل" وجهًا آخر، عن الشيخ أبي حامد: أنه لا يرجع إلا بالشرط، كرب المال.
أحدهما: لا يرجع؛ لأن التلف جاء بتفريطه. والثاني: له أن يرجع؛ لأن سبب الوجوب قد زال، فلا فرق: بين أن يكون بفعله، أو غير فعله. وإن كان معه خمس من الإبل، فعجل زكاتها شاة، فهلكت الإبل قبل الحول، وعنده أربعون من الغنم، فإن أراد أن يجعل الشاة المعجلة عن الغنم.. فأومأ ابن الصباغ إلى وجهين: أحدهما: لا يجزئه؛ لأنه قد عينها عن مال، فلا تقع عن غيره. والثاني: يجزئه؛ لأنها لم تصر زكاة بعد.
أحدهما: وهو المنصوص -: (أنه لا يضمن)؛ لأن النقص حدث في ملكه، فلم يضمنه. والثاني: يضمن؛ لأن من ضمن القيمة عند التلف.. ضمن النقص، كالغاصب. وإن كانت العين زائدة.. نظرت: فإن كانت زيادة لا تتميز، كالسمن والكبر.. رجع فيها رب المال مع زيادتها؛ لأنها تابعة لها. وإن كانت زيادة منفصلة، كالولد واللبن.. رجع فيها دون الزيادة؛ لأنها زيادة تميزت في ملكه. وإن كانت العين تالفة، فإن كان لها مثل.. رد مثلها، وإن كانت مما لا مثل لها.. رجع بقيمتها، ومتى تعتبر القيمة؟ فيه وجهان: أحدهما: يوم القبض، وبه قال أحمد رحمة الله عليه؛ لأن ما زاد أو نقص كان في ملكه، فلم يعتبر. والثاني: يوم التلف؛ لأن قبضه للعين كان قبضًا جائزًا، فاعتبرت قيمتها يوم التلف، كالعارية. |